تابع مهن في الكتاب المقدس
12- خادم الرب
تحدّثنا في العدد السابق عن الجندي. ولكثرة الجنود في الجيش كان لا بد أن يوجد قوّاد.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةفي المستويات الأولى كان من الممكن أن يكون القائد على عدد محدود من الجنود، ولهذا اشتهر اللقب ”قائد المئة“ في العهد الجديد. ونذكر منهم أفاضل مثل: قائد المئة صاحب الإيمان العظيم في قدرة ومحبة الرب والذي مدحه الرب نفسه (متى
، وقائد المئة الذي كان عند الصليب والذي شهد عن الرب: «حقا كان هذا ابن الله» (متى 27: 54)، وكرنيليوس الذي شهد عنه الكتاب أنه كان بارًا يتقي الله وبشّره بطرس (أعمال 10).
ثم إذ نعلو في مستوى القيادة إلى قمّته نجد «رئيس الجيش». وفي الكتاب المقدس نقرأ عن الكثير من رؤساء الجيوش، منهم الأتقياء والأشرار.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوطبعًا كلنا يذكر نعمان السرياني رئيس الجيش الذي كان، مع ما يملكه من ميزات، أبرص؛ وكيف نال الشفاء وتغيّرت حياته عندما أطاع كلام الله الذي أرسله له على فم أليشع النبي.
وواحد من أشهر القادة الحربيين في شعب الله كان يشوع، الذي قاد معركة انتصار شعب الله على عماليق في البرية (خروج 17)، والذي أوقف الله الشمس في كبد السماء من أجله حتى تتم له النصرة (يشوع 10). وكذلك قاد يشوع، ذلك القائد المنتصر، الشعب في حروبه لامتلاك الأرض. وهو في انتصاراته صورة بسيطة للقائد المنتصر الحقيقي ”يسوع“. ذلك العظيم الذي استطاع وحده أن يهزم كل الأعداء. لقد غلب إبليس يوم جاء يجرّبه على الجبل (متى 4)، والنصرة الأعظم كانت في الصليب يوم «جرّد الرياسات والسلاطين (إبليس وجنوده) اشهرهم جهارًا (فضحهم وأعلن هزيمتهم) ظافرًا بهم» (كولوسي 2: 15). وحتى الموت، الذي هو آخر عدو يُبطَل (1كورنثوس 15: 26)، فقد غلبه المسيح بالقيامة.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوالأمر العظيم أن نصرة المسيح، بكل جوانبها، حُسِبَت للمؤمنين به، فالذي بالموت قهر إبليس أعتق المؤمنين به (عبرانيين 2: 14، 15)، والذي استطاع أن يعيش منتصرًا على الأرض، هو الآن في السماء قائدنا المنتصر. فارفع رأسك أخي المؤمن، سائرًا خلفه، مرنِّمًا هذه الأنشودة العذبة «ولكن شكرًا للّه الذي يقودنا في موكب
نصرته في المسيح كل حين» (2كورنثوس 2: 14).
13- الجندي
في الكتاب المقدس تُطلَق كلمة «جندي» على كل من يشارك في الجيش، من الصغير للكبير• وتُستعمل تعبيرات ودرجات متعدِّدة للحديث عن أفراد الجيش في كلمة الله لتدلِّل على عملهم أو قوتهم؛ مثل: عسكري (أعمال 12: 6؛ 23: 23)، حامل السلاح (1صموئيل14: 6)، فارس (1ملوك10: 26)، جبار بأس (1صموئيل 14: 52) للكناية عن القوة في الحرب، قائد المئة (أعمال 27: 1)، وكيل على رجال الحرب، رئيس الجند (2ملوك25: 19؛ إرميا 52: 25)، قواد الجند (لوقا 22: 4؛ أعمال 4: 1؛ 5: 26)، رئيس الجيش (2ملوك5: 1)• وكان سن المتجندين في العهد القديم من العشرين إلى الخمسين (عدد1: 3؛ 2: 26)، وتجمّعهم يسمى الكتيبة (أعمال27: 1)•
وكان الجنود يستخدمون أدوات عدّة منها: القوس والدرع (إرميا 51: 3)، الخوذة والرمح (إرميا46: 4)، السيف والخيل (هوشع1: 7)، مركبات الحديد التي تجرها الخيل (يشوع17: 18؛ 2صموئيل8: 4؛ ميخا5: 10)، الأبواق (عدد10: 9؛ 2صموئيل2: 28)، وغيرها•
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةومن الأمثلة الحلوة للجنود نرى: قائد المئة الذي مدح الرب إيمانه (متى8: 10)، والذي كان عند الصليب (مرقس 15: 39)، وكرنيليوس (أعمال 10: 1)• ومن الأمثلة السيئة للجنود: الجندي الذي شكَّك في كلام الله ونال عقابه (2ملوك7: 2-19)، والجند الذين تعاملوا مع الرب باحتقار واستهزاء وقت أحداث الصليب (لوقا23؛ يوحنا18؛19)•
والكلام عن الجندي في الكتاب يعني أن نتكلم عن ربع الكتاب تقريبًا• لذا نكتفي هنا بالإشارة إلى المعنى الروحي للجندية، وهو الذي يخصّنا الآن (2كورنثوس10: 3-5)• فالرسول بولس يحرِّض الشاب تيموثاوس بالقول «فَاشْتَرِكْ أَنْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» وألا «يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ» (2تيموثاوس2: 3-5؛ انظر فيلبي 2: 25؛ فليمون 1: 2)•
ومن الصفات الهام وجودها في الجندي الصالح: الطاعة والخضوع (متى8: 9؛ لوقا 7:
، الرجولة (خروج17: 9)، كثرة الأفعال وليس الأقول، كبناياهو بن يهوياداع، لا يهاب ولا يختلق الأعذار (2صموئيل 23: 20)، التقوى (أعمال10: 7)• أما الصفات المرفوضة فيه فهي مثل: الخوف (تثنية20:
، الاهتمام بأمور العالم (تثنية20: 5-7)، الارتشاء (متى28: 12)
ومن حق الجندي الصالح أن يهتف دائمًا «شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ» (2كورنثوس2: 14-16).
14- النجّار
النجّار هو من يعمل بتصنيع الخشب، ليحوِّل الشجر إلى أثاثات ومعدّات نافعة للاستعمال• ولم تكن من المهن المرموقة في زمن الكتاب، ولا تناولتها الألسنة بالاحترام إذ لم تكن تتطلب الكثير من المهارات•
على أنها مهنة غالية جدًا في عين كل المؤمنين، إذ تشرّفت بانتسابها إلى ربنا الكريم في حياته؛ فقد قيل عنه «ابْنَ النَّجَّارِ» (متى13: 55)، وأيضًا «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ؟» (مرقس6: 3)•
لكن مع اتضاعه هنا ورضاه بهذه المهنة البسيطة، إلا إننا نؤمن أنه أعظم من مجرَّد نجار، فهو «الله ظهر في الجسد» (1تيموثاوس3: 16)•
وما أروعه؛ ذاك الذي بدأ حياته بين الخشب في دكان يوسف نجار الناصرة، وفي شبابه كم عَمِلَ من أخشاب نفعت الناس أثق في إتقانها؛ إلا أن أروع ما عمله بالخشب كان يوم أنهى حياته على خشبة معلَّقًا ليفتديني ويفتديك (غلاطية3: 13؛ فيلبي2:
• لك السجود يا ربنا المعبود!
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةونوح أول من يُذكر عنه أنه عمل بالنجارة، يوم قال له الله «اصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكا مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ» معطيًا إياه كل مواصفاته (تكوين6: 14-16)، «فبنى فُلكًا لخلاص بيته» (عبرانيين11: 7)• وأول ما يجب أن نهتم بفعله، وهو لا يتطلب إمكانيات، هو أن نحتمي في فلك النجاة: ربنا يسوع• فهل فعلت؟! إن كان لا فاسرع•
كانت النجارة إحدى مهارات بصلئيل بن أوري الذي استخدمه الرب في عمل خيمة الاجتماع (خروج31: 2-5)• كما شارك النجارون بكثرة في بناء بيت الرب وترميمه (2ملوك22: 6؛ 2أخبار24: 12؛ عزرا 3: 7)• وبيت الله، في العهد الجديد، هو الكنيسة، أي جماعة المؤمنين• لذا فعلينا ألا ندّخر جهدًا في سبيل كل ما يبني المؤمنين ويكرم المسيح في وسطهم•
كذلك قام النجارون ببناء بيت داود، مكان راحته (2صموئيل5: 11؛ 1أخبار14: 1)• ونحن أيضًا يجب أن نعمل، بالقليل الذي نملكه، على أن تكون قلوبنا وحياتنا مكان راحة للرب يسوع، داود الحقيقي•
لكن التحذير يأتي من أن النجارين أيضًا شاركوا في صُنع الأصنام (إشعياء44: 13؛ 41: 6-7)• فلنحذر، فإمكانياتنا البسيطة في يدي الرب يمكن أن تفعل الكثير مما يمجِّده؛ لكن ما يمكن أن نخدم به الرب قد يتحول في أيدينا نحن إلى ما يبعدنا عنه ويجعلنا نكسر قلبه• دعونا نلاحظ كيف نستخدم ما بين أيد
وللموضوع بقية بمشيئة الرب.
اذكــرونا واذكــروا الخدمــة فــي صلواتكـم
آميــــ†ـــــــن