4
- الكاتبذُكرت مهنة الكاتب بعدة معانٍ: كوظيفة حربية للجمع للحرب (إرميا52: 25)، وكأمين للخزنة
(2ملوك12: 10؛ 2أخبار24: 11؛ نحميا13: 13)،
على أن أشهر معنى والأكثر ذكرًا على صفحات الكتاب المقدس هو مهنة معلم للناموس.
في بداية دخول الشعب لأرض الموعد، كان بين أيديهم أسفار موسى الخمسة فقط، وكان الكهنة يقومون بتوضيح ما يعثر فهمه. لكن مع زيادة عدد الأسفار، وتنامي تقدير الشعب للشريعة، أصبح فهم كلمة الله يتطلب أن يكون مهمة العمر كله. ومن هنا بدأ ظهور مجموعة من دارسي ومحبي شريعة الرب الذين خصصوا الجزء الأكبر من وقتهم لدراسة الشريعة وكذلك لتعليمها. وهي ليست مهنة بمفهوم أنها مصدر دخل؛ فقد كان التقليد اليهودي يحرِّم على الكاتب أن يتلقى أموالاً في المقابل، فكان كل منهم يبحث عن مصدر رزق.
وعزرا الكاتب مثال رائع لـ«كاتب ماهر في شريعة موسى»؛ وذلك لأنه «هيّأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها (أولاً.. ثم) وليعلّم اسرائيل»، ولذلك شهد عنه ملك عظيم أنه «عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء الكامل». وقد «قرأ» عزرا الشريعة للشعب، في يوم، طول النهار دون كلل، وهو واقف على منبر خشبي. وكان يفهم الشعب أيضًا ما في الشريعة فجأوا «إلى عزرا الكاتب ليفهمهم كلام الشريعة» (اقرأ عزرا 7: 6-12؛ نحميا8: 1-13).
ولكن للأسف لم يدُم الحال هكذا، فقد انحرف الكتبة عن مسار دراسة كلمة الله حتي قيل فيهم يومًا «كيف تقولون: نحن حكماء وشريعة الرب معنا؛ حقًا إنه إلى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب» (إرميا8:
!!
وفي أيام الرب على الأرض كان الحال قد وصلت بهم إلى أحطِّها!! لقد أصبحت شريعة الله لا تعني لهم إلا وسيلة للحصول على كرامة وأحيانًا ربح قبيح. لقد وصل بهم الأمر أن رفضوا وقاوموا كلمة الله المتجسد، ربنا يسوع المسيح (متى15:1،2؛ لو10:25)، وهو الذي تشير إليه كل نبوات ورموز الشريعة التي بين أيديهم!!
ولقد فضحهم الرب وأنبأ بنهايتهم حين «قال لتلاميذه: احذروا من الكتبة... الذين ياكلون بيوت الأرامل، ولعلّة يطيلون الصلوات. هؤلاء يأخذون دينونة أعظم» (لوقا20:45-47). وأيضًا في متى 23 «على كرسي موسى جلس الكتبة... حسب أعمالهم لا تعملوا؛ لأنهم يقولون ولا يفعلون. فإنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس وهم لا يريدون أن يحرِّكوها بإصبعهم. وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس... ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس سيدي سيدي... لكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون...».ليتنا نقتدي بالوضع الأول ونتحذر من الأخير!
5
- التاجرالتجارة مهنة قديمة وشهيرة أيضًا. بدأت في صورة تبادل بين سكان المناطق المختلفة، بحيث يعرض كلٌّ الأغذية والمصنوعات المتوفرة في منطقته مقابل غير المتوفرة. ثم تطور الأمر لاعتماد الفضة كعملة للتعامل في التجارة بدل التبادل (تكوين 23:16).
ومن شواهد مثل تكوين37:25،26؛ 1ملوك 10:22؛ أمثال31:14،24؛ إشعياء23:8؛ حزقيال 27:3،24،25؛ رؤيا18:12؛ يمكن أن نعرف أن من أشهر التجار في التاريخ القديم كان سكان صور، والكنعايون، والمديانيون، والترشيشيون. وكانت أشهر مواد التجارة هي المواد العطرية والنباتات الطبية، الحيوانات والطيور ومنتجاتهما، والأقمشة والملابس، والأحجار الكريمة والمجوهرات، ومشغولات المعادن. كما ارتبطت التجارة باستعمال السفن (التجارة البحرية) والجمال (التجارة البرية).
وقد أوصى الرب شعبه بعدم الغش في تجارتهم، وألا يكون في يدهم موازين مغشوشة كغيرهم (لاويين19:36؛ انظر أيضًا 25:14-19؛ تثنية25:13-16؛ هوشع12:7). كما نصَّ الناموس على منع الإتجار (وكل عمل) في يوم السبت والأعياد والتي كانت تخصَّص لراحة الإنسان وعلاقته مع الرب، لكنهم كثيرًا مكسروا هذا الأمر (نحميا13:15-21).
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوللأسف، ورغم أن التجارة في ذاتها مهنة لا غبار عليها؛ إلا أن سوء استعمالها انتشر كثيرًا. فأصبحت مجالاً لكسر وصايا الله والغش (عاموس8: 5، 6)، وكحجة لعدم قبول دعوة الله للخلاص (متى22:1-5؛ قضاة5:17)، بل أهانوا بها الله (يوحنا2:16). حتى أصبح الشيطان نفسه مشبَّهًا بتاجر كثر ثروته فارتفع قلبه (حزقيال18:5). ولقد قاد هذا التاجر الظالم آخرين للمتاجرة بمظاهر التقوى (1تيموثاوس6:5) وبالآخرين ومصائرهم (2بطرس2:3،4).
على أنه في المقابل، هناك ذاك الكريم الذي شبَّه نفسه بالقول: «إنسانًا تاجرًا يطلب لآلئ حسنة، فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن (صورة للكنيسة) مضى وباع كل ما كان له (بل مات من أجلها) واشتراها» (متى13:45،46).
ومن كلمة الله نتعلم أنه «طوبى للانسان الذي يجد الحكمة... لأن تجارتها خير من تجارة الفضة» (أمثال3:13). وكذلك أن «التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة» (اقرأ 1تيموثاوس6:5-11).
أخيرًا نقول إن الرب عاد لتشبيه نفسه بـ«إنسان شريف الجنس... دعا عشرة عبيد له وأعطاهم عشرة أمناء وقال لهم تاجروا حتى آتي». وهي دعوة لنا جميعًا أن نستغل كل ما استودعه الرب في أيدينا من إمكانيات وطاقات لمجد اسمه، وفي يوم قريب سيُسمع كل من كان أمينًا في هذا الأمر، القول العظيم «نعمًّا أيها العبد الصالح» (لوقا19:12-27). فليتنا نكثر في عمل الرب
6 - البوابويسمَّى أيضًا “حارس الباب;. ومن التسمية نعرف أنه شخص كان يقف على الباب ومهمته الأساسية الحراسة والتمييز بين من يُسمَح له بالدخول ومن لا يُسمَح له. فنجده حارسًا على باب المدينة (2ملوك7:10)، وأبواب القصور (أستير2:21)، وبيوت الشخصيات الهامة (يوحنا18:16)، والبيوت عامةً (مرقس13:34). كذلك نجد في يوحنا 10:1-4 بوّابًا على باب حظيرة الخراف، وهو لا يفتح إلا لـ«راعي الخراف. لهذا يفتح البواب». وهنا دعني أسألك سؤالاً هامًا: هل فتحت باب قلبك لذلك الراعي الصالح، ربنا يسوع، الذي مات من أجلك؟! أم بعد تُغلق قلبك أمامه؟!
ونجد وصفًا مستفيضًا لعمل البوابين في 1أخبار9:17-29؛ فهم كانوا حرَّاسًا لكل من «باب الملك... حراس أبواب... على محلّة الرب حراس المدخل... باب خيمة الاجتماع... عليهم الحراسة وعليهم الفتح كل صباح. وبعضهم على آنية الخدمة لأنهم كانوا يدخلونها بعدد ويخرجونها بعدد. وبعضهم أؤتمنوا على الآنية وعلى كل أمتعة القدس وعلى الدقيق والخمر والزيت واللبان والأطياب». كما نفهم أنه «أقامهم داود وصموئيل الرائي على وظائفهم». ونسمع عنهم كلمات رائعة «وفينحاس... الرب معه... جميع هؤلاء المنتخبين (مختارين بدقة)». ومن هنا نفهم أهمية هذا العمل وتقديره.
لعلنا ندرك إذًا أهمية حراسة حياتنا وبيوتنا واجتماعاتنا، حتى لا يدخلها ما يعكِّر صفو علاقتنا مع الرب ويدمِّر حياتنا الروحية. ونفهم ذلك أكثر: أن يكون كل واحد بوّابًا على حياته ووكالته، وذلك بالسهر؛ من مثل قاله الرب نفسه (مرقس13:33-37)، وليت هذه الكلمات ترنّ دائمًا في آذاننا «انظروا. اسهروا وصلّوا؛ لانكم لا تعلمون متى يكون الوقت... وأوصى البواب أن يسهر. اسهروا اذًا. لأنكم لا تعلمون متى ياتي رب البيت... لئلا يأتي بغتة فيجدكم نيامًا. وما أقوله لكم أقوله للجميع: اسهروا».
ولأهمية دور البوابين، ولأن غيابهم يعني بوادر الهزيمة الكاملة، فقد سجَّل الكتاب، عند بداية سبي نبوخذنصر للشعب، أنه أخذ حرّاس الباب، وهكذا أصبحت المدينة بلا حراسة فكانت بداية النهاية (2ملوك25:18-20). ولنحذر: إن عدم يقظتنا وسهرنا على حياتنا، والسماح لأشياء لا يرضاها الرب بالدخول إلى حياتنا؛ غالبًا ما تكون هي بداية كارثة كبيرة في حياتنا.
كما نتعلم ارتباط البوابين بالمرنمين من 1أخبار 15:16-24؛ 23:3-5، وأن عددهم كان مساويًا للمسبّحين ويذكرون أولاً، فقبل أن نسبِّح يجب أن نحرس حياتنا، وبنفس أهمية أن نعبد الرب.
وواحد من البوابين الذين نتعلم قصتهم من الكتاب كان عظيمًا جدًا في عين الروح القدس، رغم بساطة مركزه أمام الناس، فقد «كان مردخاي جالسًا في باب الملك»، لكنه بأمانة رائعة أنقذ حياة الملك، فهو قد كان قبل الكلِّ تقيًا وأمينًا للرب، ولقد أحسن الرب إليه في النهاية وأكرمه كثيرًا. اقرأ القصة في سفر أستير ص2، 6؛ وليتنا نتعلم من هذه القدوة الحسنة
وللموضوع بقية بمشيئة الرب.
اذكــرونا واذكــروا الخدمــة فــي صلواتكـم
آميــــ†ـــــــن
.