الدورات الزمنيه في الكنيسه
لنيافه الانبا رافائيل
صلوا بلا انقطاع" (1تس 17:5) هكذا نصحنا الإنجيل وتلقفتها الكنيسة لتحولها إلى منهج حياة، فرتبت صلوات وخدماً ليتورجية ترافق سير الزمان، زمان الخليقة الأرضى، مرجعها فى ذلك هو دخول الله فى الزمان بالتجسد "غير الزمنى صار تحت الزمان" (ثيؤطوكية الأربعاء) فالكنيسة أيضاً - من خلال الصلوات - تدخل مع المسيح إلى الزمان لتعلن فيه باستمرار حقيقة سر التجسد الإلهى والخلاص وبذلك يكون سر التجسد حاضراً، ونحيا كل ساعة سر التجسد الإلهى والخلاص وبذلك يكون سر التجسد حاضراً، ونحيلا كل سعاة تدبير المسيح لخلاص لحياتنا.
هذا الدخول الكنسى إلى الزمان رتبته الكنيسة فى ثلاث مستويات: "دورة يومية (الأجبية) ودورة أسبوعية (ابصلمودية)، ودورة سنوية (القطمارس
]أولاً: الدورة اليومية :"سبع مرات فى النهار سبحتك على أحكام عدلك" (مز 164:11الدورات الزمنيه الكنيسه.
1- صلاة الغروب : يبدأ بها اليوم الليتورجى، ربما كرمز لتاريخ الكون الذى بدأ فى الظلام "على وجه الغمر ظلمة" (تك 2:1)، لذلك تبدأ بأنها من الخليقة للتسبيح "يا جميع الأمم باركوا الرب ولتباركه جميع الشعوب" (مز 1:116)، ثم نرتل مزامير المصاعد لنصعد بها من ظلمة الخطية إلى نور المسيح ومن الانتماء الأرضى إلى مواطنة السماء، ثم نمثل أمام المسيح مع حماة سمعان ومع "كل الذين عندهم مرضى بأنواع أمراض كثيرة" ليشفينا من جراحات النهار وحمى الخطية.. ولنعلن له خبراتنا أثناء النهار ونشكره على سنده لنا فى محاربتنا ضد العدو "فى ضيقتى صرخت إلى الرب فاستجاب لى وأخرجنى إلى الرحب"، "أحاطوا بى.. وباسم الرب انتقمت منهم"، "إليك يا رب صرخت فى حزنى فاستجبت لى"، "هوذا لا ينعس ولا ينام حارس إسرائيل"، "كثيراً ما امتلأنا هواناً"، "لولا أن الرب كان معنا"، "مبارك الرب الذى لم يسلمنا فريسة لأسنانهم"، "عظم الرب الصنيع معنا فصرنا فرحين"، "إن لم يبن الرب البيت فباطلاً تعب البناؤون"، "مراراً كثيرة حاربونى منذ صباى"، "ثقل النهار وحره لم أحتمل لضعف بشريتى"، "نشكرك يا ملكنا المتحنن، لأنك منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام".
إن صلاة الغروب هى صلاة العودة إلى حضن المسيح بعد يوم ملئ بالنصرة والحروب، بالتعب والفرح "أسرع لى يا مخلصى بفتح الأحضان الأبوية..".
2- صلاة النوم : تمثل نزول السيد المسيح إلى الجحيم ليحرر نفوس الذى قبض عليهم، لذلك نلتمس فيها نزول المسيح لدى أعماقنا "من الأعماق صرخت إليك يارب" ليحررنا من نير الشياطين "الذين إستاقونا إلى هناك"، وفيما نحن نصعد مع المسيح نتل أيضاً فمزامير المصاعد معلنين انتظارنا لخلاص الرب "من محرس الصبح إلى الليل" ونيتنا فى أن "لا أدخل إلى مسكن بيتى، ولا اصعد على سرير فراشى ولا أعطى لعينى نوماً، ولا لأجفانى نعاساً" حتى ستعلن هذا الخلاص فى.
لقد قال الأباء "إن الليل مفروز لعمل الصلاة" لذلك تنبهنا الأجبية "فى الليالى ارفعوا أياديكم إلى فوق أيها القديسون وباركوا الرب"، ثم تقودنا إلى التسبيح فترتفع صلواتنا "البخور قدامك" ورفع أيدينا "كذبيحة مسائية" قائلين "بصوتى إلى الرب صرخت.."، "سبحى يا نفسى الرب"، "سبحوا الرب فإن المزمور جيد ولإلهنا يلذ التسبيح"، "سبحى يا نفسى الرب"، "سبحوا الرب فإن المزمور جيد ولإلهنا يلذ التسبيح"، "سبحى الرب يا أورشليم سبحى إلهك يا صهيون"، متذكرين أنعامات الله علينا "الذى جعل تخومك فى سلام"، "وقد قوى مغاليق أبوابك وبارك بنيك فيك"، القد "يجمع متفرقى إسرائيل، ويشفى منكسرى القلوب..الخ".
ثم نستودع أرواحنا بين يديه متذكرين الموت الكبير فى مقابل الموت الصغير (النوم) قائلين: الآن يا سيد تطلق عبدك بسلام" طالبين أن يحفظنا بغير خطية" أثناء الليل حتى ينير علينا النهار بنور المسيح "بنورك يارب نعاين النور".
3- تسبحة نصف الليل : فيها ننتظر مجىء السيد المسيح "وفى نصف الليل صار صراخ هوذا العريس قد أقبل" لذلك تنهضنا الكنيسة "قوموا يا بنى النور لنسبح رب القوات".. ثم تقدم لنا فى المزمور الكبير نموذجاً رائعاً للهذيذ بكلمة الله "تزويد الآيات والتأمل فيها بالتركيز على موضوع واحد" وهو ما يناسب هدوء الليل، وفرصة انتظار مجىء العريس الحقيقى طوبى للعبد الذى يجده مستقيظاً، "فأنظرى يا نفسى لا تنعسى" وفى انتظار العريس يجب أن تستعد النفس بالتوبة مثال المرأة الخاطئة التى سكبت الطيب على قدمى مخلصنا الصالح "أعطنى يا رب ينابيع دموع كبيرة.. وأقدم لك طيباً فائقاً لى عمراً نقياً بالتوبة".. ونتيجة لهذه التوبة الرائعة يأتينا الصوت الإلهى مطمئناً "لا تخف أيها القطيع الصغير فإن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت"، لذلك نتوسل "فلنستحق أن نسمع ذلك الصوت المملوء فرحاً القائل تعالوا إلى يا مباركى أبى رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم".
وتسبحة نصف الليل هى تسبحة مستطيلة يضاف فيها إلى الأجبية التسابيح الموجودة فى الأبصلمودية وهذه ندرسها على حدة بإذن الله.
4- تسبحة باكر : فيها نذكر القيادة "قم يارب خلصنى يا إلهى"، "الآن أقوم يقول الرب" ونذكر أيضاً "النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان أت إلى العالم" ونذكر الخلق والأبدية والأزل "فى البدء كان الكلمة" وترسم لنا الكنيسة منهجاً للسير طوال النهار "كما يحق للدعوة التى دعيتم إليها" فنترك مشورة المنافقين وطريق الخطاة ومجلس المستهزئين ونسلك فى ناموس الرب وإرادته ونلزم الدب ونذبح ذبيحة البر ونتوكل على الرب.. الخ.
تسبحة باكر هى أيضاً تسبحة مستطيلة نوعاً ويضاف فيها إلى الأجبية ذكصولوجية خاصة وردت فى الأبصلمودية وفيها تخاطب العذراء الملائكة والرسل والشهداء والقديسين طالبين معونتهم لنا أثناء النهار.
5- صلاة الساعة الثالثة : هى ساعة حلول الروح القدس على التلاميذ فى يوم العنصرة لذلك فنتوسل إلى الروح القدس "الملك السمائى المعزى روح الحق الحاضر فى كل مكان.. هلم تفضل وحل فينا وطهرنا.." ونصلى فيها أيضاً مزمور الراعى الصالح وهو المزمور الذى يحمل إلينا مفاعيل وعمل الروح القدس من خلال الرعوية "الرب يرعانى" والمعمودية "ماء الراحة" والتوبة "يرد نفسى يهدينى" والحلول فينا "لأنك معى" والتناول "هيأت قدامى مائدة" والميرون "دهنت بالزيت رأسى" والتكريس "مسكنى فى بيت الرب إلى طول الأيام".
وفيها أيضاً نذكر روح الرب الذى يرف على المياه "صوت الرب على المياه". والذى شبهه ربنا يسوع المسيح بأنهار تجرى "مجارى الأنهار تفرح مدينة الله".
كذلك فى هذا الساعة المقدسة نتذكر محاكمة الرب يوع أمام بيلاطس البنطى فنصلى مزمور "كثيرة هى أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب، يحفظ الرب جميع عظامهم، وواحدة منها لا تنكسر"، "طوبى لمن يتفهم فى أمر المسكين.."، "أعدائى تقاولوا على شراً متى يموت ويباد اسمه، كان يدخل لينظر (يهوذا) فكان يتكلم باطلاً، قلبه جمع له إثماً.."، "وإن إنسان سلامتى (يهوذا) الذى وثقت به، الذى أكل خبزى رفع على عقبه.."، "أحكم لى يارب، فإنى بدعتى سلكت.."، "أحكم لى يارب وأنتقم لظلمى..".
ثم نصلى الفصل الإنجيلى الخاص بوعد إرسال الروح القدس ونطلب من الرب يسوع أن يجدد فينا هذا الحلول ويمنحنا مواهب ونعم الروح القدس "روح البنوة والعفة روح القداسة والعدالة والسلطة..".
6- صلاة الساعة السادسة : وفيها تم صلب رب المجد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح لذلك نذكر خلاصنا الثمين المعلن على الصليب "اللهم باسمك خلصنى"، "بطل جناحيك الصليب" أتكل إلى أن يعبر الإثم، "أرسل من السماء فخلصنى"، "وأستظل بستر جناحيك"، "وبظل جناحيك أبتهج"، "رضيت يارب عن أرضك، رددت سبى يعقوب، غفرت أثام شعبك، سترت جميع خطاياهم"، "لأن خلاص قريب من جميع خائفيه"، "وقد نجيت نفسى من الجحيم السفلى"، "يستريح فى ظل إله السماء"، "وفى وسط منكبيه يظللك وتحت جناحبه تعتصم".
وفى ساعة الظهيرة (السادسة) يعترضنا "شيطان الظهيرة" ليرهقنا بحروبه السخيفة والانشغالات الدنياوية لذلك نلتمس العون من الله المريح "الساكن فى عون العلى يستريح" وتنبهنا الكنية إلى المنهج المسيحى فى السلوك والعمل (التطوبيات)، ونتوسل إلى المصلوب عنا أن يمزق صك خطايانا ويقتل أوجاعنا (الخطايا) بآلامه الشافية المحيية وأن ينقذ عقولنا من الطياشة بتسميرها بمساميره المقدسة.
7- صلاة الساعة التاسعة : وفيها اسلم الرب الروح بيد الآب خلاصً لنا وفداءً لكل البر لذلك نسبحه على خلاصه الثمن وندعو كل الأرض لأن تشاركنا التسبيح بروح جديد يليق بالعهد الجديد (سبحوا الرب تسبيحاً، سبحوا الرب يا كل الأرض). فإن الرب صنع أعمالاً عجيبة ونحن نحتفل بتجليه ملكاً على الصليب "الرب قد ملك على خشبة.. فلتهلل الأرض ولتفرح الجزائر الكثيرة.. فلترتق الشعوب.."، "أنت هو الرب العالى على كل الأرض"، "نظرت جميع الأرض خلاص إلهنا"، "هللو أمام الرب الملك"، "وكرامة املك أن يحب العدل"، أنت هيأت الاستقامة، أنت أجريت الحكم والعدل فى يعقوب، "أرفعوا الرب إلهنا واسجدوا فى جبله المقدس".
ثم نرجع إلى المسيح إلهنا مع باقى التلاميذ فى آخر النهار لنحدثه عما فعلنا أو ندخل فى مناجاة على انفراد ليشجعنا من خيراته خلال القليل الذى لنا (معجزة أشباع الجموع). ونتوسل إليه أن يميت حواسنا الجسمانية المائلة إلى الخطأ وأن يقدس نفوسنا ويضئ أفهامنا وينقل عولنا من الاهتمام العالمى والشهوات الجسدية إلى التفكير فى الأحكام السمائية ومحته للبشر لتظفر بالرحمة وغفران خطايانا.
هذه الدورة اليومية تتكل بالأفخارستيا حيث نرفع ذبيحة التسبيح ثم نعقبها بالذبيح الإلهى الذى نأخذه فينا خلاصاً وغفران للخطايا وحياة أبدية لكل من تناول منه ونأخذ أيضاً نعمة الثبوت والتبادل فى المسيح.
وفى الأيام التى لا يكون فيها صوماً انقطاعياً نرفع ذبيحة الفداء بعد صلاة الساعة السادسة وتؤجل صلاة التاسعة إلى ما بعد الفداء مع غروب اليوم الجديد.
ثانياً الدورة الأسبوعية :
لقد أعطت الكنيسة المسيحية اعتباراً خاصة لأربعة أيام فى كل أسبوع، اثنان منهما لهما طابع احتفالى وهى السبت والحد، وأثنان يحفظان كأيام صوم وهما الأربعاء والجمعة.
1- يوم الأحد : وهون التذكار الأسبوعى للقيامة المقدسة، وقد اعتبر هو يوم الرب بدلاً من يوم السبت اليهودى وذلك منذ أول العصر الرسولى (راجع أع 7:20، 2كو2:16)، ولذلك لا يجوز فيه الصوم الإنقطاعى والمطانيات على مدرا السنة ابتهاجاً بقيامة الرب وحلول العريس السماوى معنا.
ولكن الآحاد على مدار السنة تختلف فى مدى رمزيتها إلى القيادة المقدسة ويمكننا تقسيمها إلى ثلاثة أنواع :
أ- الخمسين : من عيد القيامة وحتى عيد العنصرة، وهى تمثل القيامة على أعلى مستوى فيصلى فيها بالطقس الفرايحى وتعمل دورة للقامة بلحن "خرستوس انيستى" ولا يحتفل فيها بأعياد القديسين من اجل التركيز على القيامة، وتزاد فى التسبحة القطع الخاصة بالقيامة، وتعتبر الخماسين كلها أحد كبير متصل لا يوجد فيه ليل لأن قيامة المسيح تنير حياتنا .. لذلك لا يصام الأربعاء والجمعة في الخمسين المقدسة.
ب- من أول صوم الرسل وحتى أول كيهك : يحتفل بالقيامة فى الآحاد فقط ولكن بمستوى أقل من فترة الخمسين فلا توجد دورة للقيامة ويصلى بالطقس السنوى ويحتفل بأعياد القديسين كالعادة ولكن يقرأ دائماً فى فصول القطمارس إنجيل القيامة، فى باكر ويقال فى التسابيح "لأنك قمت وخلصتنا" بدلاً من "لأنك أتيت وخلاصتنا". وتعد فى تسبيح نصف الليل القطع الخاصة بالقيامة أيام الآحاد فقط.
ج- من أول كيهك وحتى آخر الشعانين : يتم التركيز فى هذه الفترة على التجسد وحياة السيد المسيح قبل آلامه وموته وقيامته لذلك تقل دجة الاحتفال بالقيامة فيها، فلا تقال "لأنك قمت" ولا تقال القطع الخاصة بالقيامة فى التسبيح.
2- يوم الاثنين : غالباً ما تذكر فيه الكنيسة الخليقة وآدم وحواء فى التسابيح القراءات والطروحات.
3- يوم الثلاثاء والأربعاء والخميس : تذكر فيها النبوات الخاصة بالتجسد مثل باب حزقيال وسلم يعقوب والعليقة.
4- يوم الجمعة : تذكار صلب مخلصنا الصالح لذلك نصومه مع يوم الأربعاء وفيها تذكار مشورة يهوذا مع رؤساء الكهنة بخصوص تسليم المسيح له المجد,.
5- يوم السبت : وهو يوم زمن مخلصنا الصالح لذلك نذكر فيه الراقدين (فى باكر وعشية) ويقام فيه القداس نمتن أجل نفوس الذين رقدوا وتنيحوا فى الإيمان المسيحى.
ويلاحظ أن تقديس يوم ألحد للعبادة والفرح لم يلغ تقديس يوم السبت أيضاً للعبادة والفرح لذلك لا يصام إنقطاعياً ولا تعمل مطانيات فى السبوت ماعدا سبت النور.
ثالثاً: الدورة السنوية :استقرت الكنيسة فى القرن الرابع على تنظيم السنة الليتورجية يدور حولهما الطقس والألحان والقراءات :1- محور الفصح العقيدى وهو قديم بدأن مع الكنيسة منذ نشأتها وله ما يقابله فى السنة الليتورجية اليهودية الفصح مقابل القيامة، عيد الأسابيع مقابل "الأوكتاف" اليوم الثامن للقيامة (عيد أحد توما) رتبت (عيد الختان) وفى مقابل عيد الصعود (بعد أربعين يوماً) رتبت عيد دخول المسيح الهيكل، وكذل فى مقابل فرحة الخمسين والاحتفالات الرائعة بالقيادة رتبت الكنيسة احتفالات الغطاس وعرس قانا الجليل وأطفال بيت لحم.
2- أما باقى أيام السنة فتحتفل الكنيسة بأعياد العذراء والملائكة والرسل الشهداء والقديسين كل فى تاريخه كما تحتفل بالأصوام والمناسبات والمواسم التى فيها تبرز لنا تاريخ الخلاص وعمل الله فى الكنيسة مفصلاً يوماً بيوم.
3- هكذا وبهذه المحاور الثلاثة (اليومية والأسبوعية والسنوية) دخلت الكنيسة الزمان لتقدسه وتحمل ذبيحة حب الله وأيضاً لتعلن لنا حلول الله فى الزمان نتلاقه معه ساعة بساعة ويوماً بيوم، وحدث بحدث حتى ندخل فيه إلى الأبدية ونحن ما زلنا تحت سلطان الزمان.
اذكرونا واذكروا الخدمة فى صلواتكم
امــــــــــــــ+ــــــــــــــــــين