تجسد الكلمة واسطة لمعرفة الله
أي استعلان الآب والابن والروح القدس
التجسد كان من الأسباب الهامة لمعرفة الله في ذاته – كما أكده القديس أثناسيوس الرسولي – لأن الإنسان ، بسبب الخطية ، أتحجبت عنه معرفة الله كخالق حقيقي للعالم وكمخلَّص للإنسان .
فلا ناموس موسى ، ولا تعليم الأنبياء ، ولا الناموس الطبيعي في ضمير الإنسان ، ولا الفلسفة العميقة المعتمدة على العقل الحرّ ؛ استطاعت أن تكشف الله في ذاته لفكر الإنسان وضميره على مستوى " معرفة الله " كخبرة وحضور محيي !!!
أما عجز الإنسان عن بلوغ " معرفة الله في ذاته " ، بالرغم من هذه الوسائط أي الناموس والأنبياء والعقل والضمير ، فهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى أن الإنسان تورط في التعدي وتوغل في البعد عن الله ، والانحراف عن مساره السليم ، ففقد القدرة على خلاص نفسه أي إدراك النور الحقيقي .
لهذا تم التجسد ليُستعلن كلمة الله ، لكي بواسطته يبلغ الإنسان إلى معرفة الله في ذاته ، أي الدخول في النور ، وهي المعرفة التي فيها يكمن سرّ خلاصه الأبدي :
" في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله ، هذا كان في البدء عند الله ، كل شيء به كان و بغيره لم يكن شيء مما كان ، فيه كانت الحياة و الحياة كانت نور الناس ... كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان أتياً إلى العالم " ( يو 1 )
يقول القديس أثناسيوس الرسولي في كتاب تجسد الكلمة :
فصل 15 – [ كلمة الله أخذ لنفسه جسداً ، وسلك بين الناس كإنسان ، وجذب أحاسيس كل البشر نحو نفسه ؛ حتى يستطيعوا رؤية الله جسدياً ، فيدركوا الحق عن طريق الأفعال التي يعملها الرب بواسطة جسده ، فيدركوا الآب فيه ( أو عن طريقه يعرفون الآب ) ]
فصل 16 – [ لأنه إذ انحط فكر البشر نهائياً إلى الأمور الحسية ، فالكلمة أيضاً تنازل وأخفى نفسه بظهوره في جسد لكي يجذب البشر إلى نفسه كإنسان ويركز إحساسهم في شخصه ، ومن ثَمَّ إذ يتطلع إليه البشر كإنسان ، فأنهم بسبب الأعمال التي يعملها يقنعون أنه ليس مجرد إنسان ، بل هو الإله وكلمة الله الحق وحكمته .
لهذا السبب أيضاً لم يتمم ذبيحته عن الكل ( الخلاص ) بمجرد مجيئه مباشرة ، بتقديم جسده للموت ثم أقامته ثانية ؛ لأنه لو فعل ذلك لجعل ذاته غير ظاهر ، ولكنه صيَّر نفسه ظاهراً جداً ( أعلن نفسه ) بالأعمال التي عملها وهو في الجسد والمعجزات التي أظهرها ، وبذلك صار معروفاً أنه ليس بعد مجرد إنسان فقط بل أنه هو (( الله الكلمة )) .
لأن المخلَّص تمم بتأنسه عملين من أعمال المحبة :
( أولاً ) : أباد الموت من داخلنا وجدَّدنا ثانية
( ثانياً ) : أنه إذ هو غير ظاهر ولا منظور ، فقد أعلن نفسه وعرَّف ذاته بأعماله في الجسد ن بأنه كلمة الآب ، ومدبر وملك الكون . ]
______________
يقول القديس أثناسيوس الرسولي :
[ وأرسل ابنه الخاص ، وهذا باتخاذه لنفسه جسداً من خليقته صار ابناً للإنسان . وبينما الكل ساقط تحت حكم الموت ، إلا أنه كونه غير هؤلاء جميعاً ، وقد قدم للموت جسده الخاص ؛ صار الكل فيه وكأنهم ماتوا جميعاً ، وهكذا كملت الكلمة القائلة (( لأن الكل مات في المسيح )) ( 2كو5: 14 ) ، والكل أصبح فيه أحراراً من الخطية ومبرأين من اللعنه التي أتت على الجسد ، يقومون من الموت لا بسين عدم الموت في غير فساد ليدوموا إلى ألأبد .
لأن الكلمة لما لبس جسد صارت كل عضة للحية عديمة الفاعلية ، إذ أوقف مفعولها نهائياً منه ، بل وكل شرّ ناتج من حركة الجسد انقطع تياره في الحال ، ومع هذا أو ذاك ، أبطل مفعول الموت الذي هو رفيق الخطية ، كما قال الرب نفسه " رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء " ( يو14: 30 ) ، وأيضاً " من أجل هذا أُظهر حتى ينقض أعمال إبليس " ( يو14: 30 ) . ولما أُبطلت ونُقضت هذه من الجسد ، تحررنا جميعاً بالتالي بسبب قرابتنا واتصالنا بهذا " الجسد " وصرنا متحدين بالكلمة ، خاصة من جهة المستقبل ]
اذكرونا واذكروا الخدمة فى صلواتكم
امــــــــــــــ+ـــــــــــــــــــين