الباراقليط من هو ؟؟؟!!!
البارقليط... من هو؟
لقد جاءت كلمات السيد المسيح عن "البارقليط" في خطاب المسيح الوداعي لتلاميذه كما هو مدون في الأصحاحات 14 – 16 من إنجيل البشير يوحنا وفيها يقول السيد المسيح: وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" يو 14 : 16 و17 "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" يو 14 : 26 ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء يو 15 : 26 "لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم.. إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو 16 : 7 ، 12 – 14) يزعم البعض أن السيد المسيح هنا قد أنبأ عن مجيء نبي آخر أي أن البارقليط هو إنسان فما مدى صحة هذا الادعاء؟ ومن هو البارقليط؟ سوف نوجز ردنا في نقاط محددة توضح من هو البارقليط.
أولاً: طبيعته
إن أصل هذه الكلمة في اللغة اليونانية "باراكليتوس" وهي تعني حرفياً "شخصاً استدعى إلى" ومعناها المعزي أو المدافع أو المعين. ويقول السيد المسيح في حديثه عنه أنه "روح الحق" ثلاث مرات وهو الروح القدس، والروح القدس حسب إيماننا المسيحي هو أحد أقانيم اللاهوت الثلاثة أي أن البارقليط ليس إنساناً بل هو الله ذاته وإذ ندرس طبيعته وصفات هذا الشخص ندرك حقيقته.
1. الروح القدس موجود في كل مكان. قال نبي الله داود: "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السموات فأنت هناك، وإن فرشت في الهاوية فها أنت، إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر فهناك أيضاً تهديني يدك وتمسكني يمينك "مز 139 : 7 – 10" إذاً فالروح القدس أو روح الحق موجود في كل مكان أي أنه غير محدود بجسد مادي وبالتالي لا يمكن أن يكون نبياً.
2. الروح القدس كلي المعرفة قال عنه السيد المسيح: "فهو يعلمكم كل شيء" يو 14 : 26 وقال عنه الرسول بولس "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.. أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله (1كو 2 : 10 و11) بينما الإنسان حتى النبي فمهما كثرت معرفته ومهما سما علمه فهو محدود بحدود عقله البشري لذلك فروح الحق هنا لا يمكن أن يكون إنساناً.
3. قدوس: يقول الرسول بولس: "لا تحزنوا روح الله القدوس" (اف 4 : 3) ولا يوجد إنسان بلا خطية "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا (1يو 1 : فكون أن هذا الشخص قدوس بلا خطية فهذا يؤكد أن لا يمكن أن يكون إنساناً ربما يقول أحد إن البارقليط والروح القدس شخصان مختلفان ولكن الحقيقة أنهما يشيران إلى شخص واحد ولكن الروح يشير إلى قوة ذلك الشخص وعمله في حين أن البارقليط يشير إلى شخصيته وتميزه كشخص له علاقاته الشخصية ومعاملاته التي تتميز بالعواطف السامية الإلهية نحو الإنسان لذلك فقد سمي بالمعزي أو المرشد (الروح القدس ، د. فهيم عزيز ص 18) إذاً فالروح القدس أو البارقليط أو روح الحق لا يمكن أن يكون إنساناً بشرياً.
ثانياً: مصدره
قال السيد المسيح في حديثه: "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي "يو 14: 26" وقال أيضاً: "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو 15 : 26) إن هذا الشخص من عند الآب ينبثق ويرسله الآب باسم المسيح والمسيح أيضاً يرسله وربما يتساءل البعض من الذي سيرسله الروح القدس هل هو الآب أم المسيح، هنا نجد علاقة فريدة بين الأقانيم فما يفعله أقنوم يشارك فيه الآخر، فالروح القدس يرسله الآب والمسيح معاً وهذا تدبير وظيفي ولا يعني بأي حال من الأحوال أن المرسل أقل من الراسل، فالمسيح يقول عن نفسه: "أنا قد أتيت باسم أبي (يو 5 : 43) ويقول أيضاً أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك أرسلتني" يو 17 : 25 فالمسيح قد أتي باسم الآب والآب قد أرسله وهكذا الروح القدس فهو يأتي باسم المسيح والآب والمسيح معاً يرسلانه وإذا قلنا إن البارقليط هو نبي والذي يرسل الأنبياء هو الله فهذا اعتراف بأن المسيح هو الله وهذا ما لا يرضاه القائلون بأن البارقليط هو نبي.
ثالثاً: موعد مجيئه
إن مجيء هذا الشخص كان مرتبطاً بصعود المسيح إلى السماء "لكني أقول لكم الحق أن خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله لكم "يو 16 : 7" وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد" يو 7 : 37 – 39 ولذلك فالسيد المسيح قبل صعوده إلى السماء "أوصاهم أن لا يبرحوا من أروشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً في أروشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض (اع 1 : 4 و
وهذا ما قد تم في يوم الخمسين "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة.. وامتلأ الجميع من الروح القدس (اع 2 : 1 و4) إذا فمجيء الروح القدس كان مرتبطاً بصعود المسيح وتم بعد ذلك بخمسين يوماً وليس بعد أكثر من 500 سنة كما يدعون. إن ما جاء في كلمات السيد المسيح يشير إلى أن مجال عمل البارقليط هو الكنيسة أي التلاميذ والمؤمنون وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته "يو 14 : 26" فالبارقليط يذكر التلاميذ بما بدأه المسيح معهم أي أن عمله امتداد لعمل المسيح والامتداد بعد البداية مباشرة وليس بعد فاصل زمني طويل. لقد كان السيد المسيح في أثناء حياته على الأرض هو المرشد والمعزي والمشجع لتلاميذه لذلك ففي خطابه الوداعي قبل موته على الصليب قال لتلاميذه "لا أترككم يتامى" (يو 14 : بل سأرسل لكم معزياً آخر بديلاً عنه فهو شخص مساو للمسيح في أقنوميته يعمل في التلاميذ ويشجعهم ليحملوا الرسالة ويدافع عنهم ويعزيهم في وقت الألم والاضطهاد ويتكلم على ألسنتهم. قال السيد المسيح لتلاميذه احذروا من الناس لأنهم سيسلمونكم في مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلي شهادة لهم وللأمم فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به لأن لستم أنتم المتكلمون بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم (مت 10 : 17 – 19) وفيما يلي سوف نذكر أمثلة لعمل الروح القدس التي تؤكد من هو؟
1. الوحي: لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2 بط 1 : 21)
2. خلاص وتجديد الإنسان: لا بأعمال في بر عملناها بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (تي 3 :15)
3. عمل الكنيسة الكرازي: لقد كان ومازال للروح القدس دور هام جداً في عمل الكنيسة "قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (اع 13 ك 2) "فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة" (اع 6 : 29) احترزوا إذاً لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله" (اع 20 : 28) ثم إن هناك علاقة خاصة بين المسيح والروح القدس مما يؤكد لنا من هو الروح المعزي وقد ظهرت هذه العلاقة في مواقف عديدة منها:
1. حبل به بالروح القدس: "فأجاب الملاك وقال لها (للعذراء مريم) الروح القدس تحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (يو 1 : 39)
2. كان ينمو ويتقوى بالروح: وكان الصبي (المسيح) ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه" (يو 2 : 4)
3. ظهر عند معموديته "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتيا عليه" (مت 3 : 6) فهذا يؤكد لنا أن الروح القدس لا يمكن أن يكون نبياً أتى بعد المسيح بأكثر من 500 سنة. ثم إن هذا الشخص يسكن مع المؤمنين إلى الأبد (يو 14 : 16) ولهذا لا يمكن أن يكون إنساناً لأن الإنسان يعيش على الأرض فترة محدودة مهما طالت ثم بعد ذلك يموت أما الروح القدس أحد أقانيم اللاهوت فهو الأبدي الذي لا بداية له وهو الأزلي الذي لا نهاية له أما تفسيرهم لهذا أنه سيمكث إلى الأبد كدين أو أنه لا نبي بعده فهذا تفسير تعسفي وغير منطقي فالمعزي يمكث شخصياً ودليلنا على ذلك عمله الدائم والمستمر في الكنيسة. إذاً فالبارقليط ليس نبياً بل هو الروح القدس، الروح الحق، روح الله.
اذكرونا واذكروا الخدمة فى صلواتكم
امــــــــــــــــــــ+ـــــــــــــــــــــــــين