هل استمرت بتولية العذراء - سرّ بتولية القديسة العذراء دائمة البتولية
" طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما " ( لوقا 11 : 27 )
بمهابة شديدة ووقار أتحدث عن سرّ الأسرار ، سرّ بتولية القديسة العذراء دائمة البتولية ، وإذ قد أخذ كثيرين بجسارة يتفوهون بالأكاذيب عن أن العذراء القديسة مريم والدة الإله إنها لم تظل بتول بعد ولادتها رب الجنود الكامل كلمة الله ربنا يسوع المسيح ، مع أن بالمنطق كيف يأتي ملك المجد ويخرج من أحشاء عذراء ثم بعده ترضى بمعاشرة رجل ، فانظروا للعذارى والقديسات الذين كرسوا ذواتهم حباً في المسيح إلهنا القدوس ، فكم تكون بمن خرج من أحشائها القدوس عذراء ودائمة البتولية !!!
اعترض بعض اللاهوتيين الفقهاء على بتولية القديسة العذراء وافتروا عليها معتمدين على ألفاظ استنتجوا معناها من الكتاب المقدس حسب رأيهم الخاص :
" لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر " + " قبل أن يجتمعا وُجدت حُبلى من الروح القدس "
واستنتجوا من هذا أن القديس يوسف اجتمع مع العذراء بعد أن ولدت ربنا يسوع وأتى منها بإخوة له !!! رغم من أن على مرّ التاريخ المسيحي كله لم يدّعي أحد هذا الكلام بهذه الجسارة إلا القليلين جداً وفي حالات نادرة ، حتى الكتب المحذوفة وكتابها المهرطقين أنفسهم أكدوا على بتولية العذراء القديسة مريم !!!
وقبل أن ندخل في شرح الآيات أقول ببساطة :
مكتوب في سفر صموئيل الثاني 6 : 23 " ولم يكن لميكال بنت شاول ولد إلي ( حتى ) يوم موتها " فهل معنى هذا أنها أنجبت بعد مماتها !!! ، فما قبل يوم مماتها أو قبل كلمة " إلى أو حتى " منفي بكلمة ( لم يكن ) فما بعدها يعتبر منفي غير قابل أن يتغير ، أي مستحيل أن يكون لها ولد !!!
وفي سفر الخروج يقول : " قدس لي كل بكر كل فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس ومن البهائم . إنه لي " ( خر 13 : 2 ) ، كلمة بكر بالنسبة لليهودي يعني المولود الأول ( لو2 : 23 ) سواء أتى بعده أولاد أم لم يأتي ، فكلمة بكر لا تدل على ما بعدها ، إنما هو يتكلم عن المولود الأول ، ولا يدل معناها التأكيد على وجود مولود ثاني !!!
وطبعاً ليس تقديس البكر يأتي بعد أن يكون له إخوة أصاغر ، بل يُقدس دون أن يُنتظر وجود إخوة أصاغر أو عدم وجودهم إطلاقاً ...
وبالنسبة لكلمة قبل أن يجتمعا ، فلو قلنا مثلاً : استشهد القديس ( فلان ) قبل أن يذهب إلى روما ، فهل ذهب إلى روما بعد استشهاده !!! وهل لو قلنا ( فلان ) سافر إلى إيطاليا قبل الغذاء فهل معنى ذلك أنه أكل بعد أن سافر أو حتى في أثناء سفره !!! أم أن هذا يعبَّر عن فعل السفر بعيداً عن تأكيد الغذاء من عدمه !!!
عموماً كلمة " لم يعرفها حتى έως ولدت ابنها البكر ، وقبل πρὶν أن يجتمعا " ( أنظر متى 1 : 18 و 25 ) تأكيد على أن المسيح يسوع له المجد لم يكن من زرع بشر وقد وُلِدَ من عذراء ، وكلمة " يعرفها التي تأتي بعد أداة النفي لم " تأتي في اليونانية في زمن الماضي الناقص ، ويدل الماضي الناقص في اللغة اليونانية على فعل استمر في الماضي ، أي أن القديس يوسف استمر لا يعرفها المعرفة الزوجية ، أي تأكيد على أنها ولدت وهي عذراء ، ولا تُحتم الآية أو تدل على وجود أي علاقة زوجية بعد ميلاد المسيح يسوع ابن الله الحي ...
ويقول العالم أولزهاوزن : [ إنه أمر واضح أن يوسف بعد هذه الاختبارات يكون عنده السبب الكافي ليؤمن أن زواجه من العذراء ( وهو ليس زواجاً ) إنما يُقصد به غرض آخر غير خلفة الأولاد ] Olshausen cited by H.A.W. Meyer, op. cit., P. 54
ولنا وقفة عند إنجيل يوحنا ، حينما سلَّم الرب يسوع أمه القديسة العذراء مريم للقديس يوحنا الرسول قائلاً : " هوذا أُمك " ( يو19 : 27 ) ثم قال لها " يا إمرأة هوذا ابنك " ( يو19 : 26 ) وهنا تظهر إشارة بليغة أن رعاية ربنا يسوع المسيح لأمه انتقلت إلى أأمن تلميذ يُحبُّه ، فأن كان لها أولاد آخرين لماذا اهتم أن يُسلمها للقديس يوحنا الرسول وأين هم من رعايتها لهم أو لها !!!
عموماً دوام بتولية العذراء القديسة مريم مربوط ارتباط وثيق وبقوة وإحكام بدوام علاقتها السرية مع المسيح يسوع له المجد ، فهو لم يكن لها أبناً وحسب بل حسب قولها شخصياً : " يا ابني وإلهي " ، هي لم تكن مجرد أم لأولاد – حاشا – بل أُماً لابن الله الحي ...
ويقول القمص متى المسكين : [ إن كان القديس يوحنا بسب حبه للمسيح وحب المسيح له لم يكسر بتوليته بل كرَّس بتوليته لحب المسيح والإنجيل ، فهل العذراء القديسة مريم التي كرَّست بتوليتها على يد ملائكة وروح الله القدوس تكسر بتوليتها لتلد بنين وبنات ؟؟ ] ( الإنجيل بحسب الإنجيل متى ص 149 )
__________
مراجع الموضوع
* انظر الكتاب المقدس العهد الجديد ترجمة بين السطور ( يوناني – عربي ) ص 3 و 4
* أنظر الكتاب المقدس العهد الجديد ترجمة اليسوعيين – دار المشرق بيروت – ص 38
* أنظر كتاب تحليل لغة الإنجيل للقديس متى في أصولها اليونانية وما تتضمنه الكلمات من مدلولات لاهوتية وروحية إعداد الدكتور موريس تاوضروس ص 54
* أنظر لشرح إنجيل متى – دراسة وتفسير وشرح – للقمص متى المسكين ص 148
148 – 149
اذكرونا واذكروا الخدمة فى صلواتكم
امــــــــــــــــــ+ــــــــــــــــــــين