الصوم الكبير عودة الى اللة
نيافة الانبا رؤفائيل تقديم الانبا موسى
اول وصية "من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها؟ لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" (تك 16:2،17).
أنها أول وصية بل الوصية الوحيدة فى الفردوس... أن يصوم الإنسان عن نوع معين من الطعام... ولا يتناول طعاماً إلا من يد الله.
أراد الله أن يقول لآدم: "ليست حياتك من الطعام، بل بى. إذا أكلت بدونى فستموت" وأراد الشيطان أن يثبت العكس لآدم: "أن الحياة، بل والألوهة تكمنان فى الأكل فقط، حتى ولو كان مخالفاً لوصية الله الصالحة".
وانطلت الخدعة على آدم... فعاش ليأكل... وكرسّ الناس كل جهدهم وعمرهم من أجل "لقمة العيش"، وبات الناس لا يفكرون إلا فى المال والأكل والمتع الحسية... حاسبين أنها وحدها سبيل السعادة والحياة.. بمعزل عن الله...
مع أن الواقع نفسه يعلن فشل هذه الأفكار.. فليست سعادة الإنسان بالمادة بل بالله الحى الذى يمنحنا كل شئ بغنى للتمتع" (1تى 17:6).
أما المادة فى حد ذاتها - وبعيداً عن الله؛ فتصير وثناً بغيضاً، وينبوع موت لكل من يتعلق بها... "لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 10:6).
وتمركز الحياة - هذا - حول الطعام، تسرب دون أن ندرى حتى إلى الروحيين والمؤمنين؛ فصار الصوم فى نظرهم هو امتناع عن الأكل... أنه أيضاً تمركز سلبى.
ولكن الصوم كما تعلّم الكنيسة وتشرحه هو العودة إلى الله:
فليست الأموال بل الصدقة، وليست الإرادة بل الصلاة، وليست الأطعمة والشهوات بل الصوم والتعفف.
وهذا أول درس تلقنه لنا الكنيسة... (فى أحد الرفاع) قبل أن نجتاز معاً رحلة الصوم المقدسة.
أ- ففى الصدقة: يعلن الإنسان أن ما لديه من أموال هى نعمة استأمنه الله عليها... أعطاها له كوكيل صالح ليخدم بها الآخرين بكل فرح "المعطى المسرور يحبه الرب" (2كو 7:9)... وإن سعادته ليست فى تخزين الأموال بل فى إنفاقها فى الخير "مغبوط هو العطاء أكثر من الآخذ" (أع 35:20).
كذلك فى الصدقة يعلن الإنسان أن حياته وتأمينها فى يدى الله، وليس فى خزائن البنوك... إن القضية ليست فى كثرة المال أو قلّته، بل فى نظرة الإنسان له... ومحبته واتكاله... هل على الله (حتى ولو كان غنياً) أم على الأموال (حتى ولو كان فقيراً).
فهناك غنىّ لا يتعلق بالمال وآخر يعبده... وهناك فقير يشكر الله ويسعد وآخر ما زال يعبد المال..
ليست حياتنا من أموالنا... بل من الله الذى يعطينا.
ب- الصلاة: هى شركة حب يسلم فيها الإنسان ذاته وإرادته وتدبير حياته ليدى ذاك الذى معه أمرنا.
الصلاة هى عودة إلى الله كمركز للحياة ومحرك لها... قديماً قالوا: "الصلاة تحرك اليد التى تحرك العالم"، وربنا يسوع المسيح وعدنا أن "كل ما تطلبونه فى الصلاة مؤمنين ستنالونه" (مت 22:21).
إن مأساة العالم اليوم أنه قد ترك الصلاة، وسعى وراء العقل والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية بمعزل عن الله...
ولا يوجد من ينكر قيمة التفكير بالعقل، والمناداة بالحرية، وتحقيق حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وغيرها من مبادئ سامية رفيعة... ولكن دعنا نعترف - باتضاع - أن هذه المبادئ لم تحل مشكلة الإنسان فى كل مكان.
آه لو اقترنت هذه، بروح التقوى والصلاة... آه لو اعتنقناها فى نور الإنجيل وليس بمعزل عن الله... آه لو ارتقى الضمير وتنزه عن الأغراض... لصار العقل بالحقيقة خلاقاً للخير... وصارت الحرية سعادة بالمسيح "فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يو 36:
.
وصارت حقوق الإنسان مصانة بالحب وبالنعمة وبالعلاقات السليمة بين الناس.. وليس بالتحايل على القانون.. وبالغش وبالمحاباة..
ليست الحياة بإمكانيات الناس بل الله الذى نطلبه فى الصلاة.
ج- والصوم: الصوم عن الطعام هو إعلان عملى عن أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الله" (لو 4:4)... لقد كانت هذه هى الخبرة التى تعلمها بنو إسرائيل فى البرية وصاغها قائدهم العظيم موسى فى هذه العبارة بالروح القدس: "وتتذكر كل الطريق، التى فيها سار بك الرب إلهك، هذه الأربعين سنة فى القفر لكى يذلك ويجربك، ليعرف ما فى قلبك، أتحفظ وصاياه أم لا؛ فأذلك، وأجاعك، وأطعمك المن الذى لم تكن تعرفه، ولا عرفه أباؤك لكى يعلّمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان" (تث 2:8،3).
والسيد المسيح فى تجسده كان يقصد أن يطعم تابعيه بالبركة... فى معجزتى إشباع الجموع؛ لكى يقول لهم ليس السر فى الخمسة أرغفة ولا السمكتين ولكن فى اليد التى تقدم هذا القليل... سيشبع الناس ويفضل عنهم بالبركة.
ليست حياتنا من الأكل بل من يد الله، التى تقدم لنا الأكل بشبع وبركة وفيض كثير. فالصوم هو عودة إلى الله ينبوع كل الخيرات...
وكأننى حينما أصوم أتقدم لله بذبيحة جسدى كمثلما فعل إبراهيم مع ابنه الحبيب الوحيد اسحق الذى بسببه قبل المواعيد. أتقدم رافعاً سكين الجوع على جسدى الضعيف المنهك مقدماً إياه ذبيحة حب وطاعة وإعلان إيمان.. أن الله أهم لدىّ من جسدى ومن كل نفسى.
حينئذ يتكلم معى ملاك الرب "لا تمد يدك إلى الغلام (جسدى)، ولا تفعل به شيئاً، لأنى الآن علمت أنك خائف الله؛ فلم تمسك ابنك وحيدك عنى" (تك 12:22).
ويرفع الصائم عينيه - كما فعل إبراهيم - وينظر "وإذا كبش وراءه ممسكاً فى الغابة بقرنيه... فذهب إبراهيم، وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه" (تك 13:22)... وكبشنا المذبوح عنا وعن جسدنا هو ربنا يسوع المسيح المذبوح على المذبح فى سر الأفخارستيا... التى لابد أن ينتهى الصوم بها... ليحقق لنا هذا المعنى الجميل.
لم تكن حياة إبراهيم مرهونة بحياة اسحق... بل بالله... وعندما قدم إبراهيم اسحق برهن على إيمانه هذا... ونحن حياتنا ليست مرهونة بالجسد... بل بالله... والصوم يبرهن على ذلك...
وكما أن الله افتدى اسحق بكبش... كذلك يفتدينا بدمه وجسده على المذبح...
وكما أن المذبح لم يميت اسحق بل عظمَّه وصار بالحقيقة بركة وجداً للمسيح بالجسد...
كذلك لا يميتنا الصوم بل يباركنا ويعظمنا ويجعلنا أهلاً لبيت الله ورعية مع القديسين.
تطبيقاً لما علمتّه لنا الكنيسة فى أحد الرفاع... تواصل معنا الدرس فى الأحد الأول من الصوم "لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض... بل اكنزوا لكم كنوزاً فى السماء" (مت 19:6-20).
فالمسيح هو كنزنا الحقيقى الذى لا يفقد ولا يشيخ ولا يخسر.
والعودة إلى المسيح هى عودة إلى الغنى الحقيقى.
أ- فالعين شبعانة: "سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً" (مت 22:6).
ب- القلب شبعان: "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين... لا تقدرون أن تخدموا الله والمال"
(مت 24:6). ومن يعبد الله بالحقيقة يستهن بمحبة المال ويدوس كبرياء الغنى.
ج- والنفس شبعانة: "فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس؟... فإن هذه كلها تطلبها الأمم (النفوس الجائعة والبعيدة عن الله... والتى لم تجعل الله محور حياتها بل ما زالت منهوكة - ومهمومة بالعالم وتفاصيله المغرقة فى العطب والهلاك). لأن أباكم السماوى يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها... لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت 32:6،33).
وفى الأحد الثانى تصور لنا الكنيسة أيقونة رائعة فيها المسيح منتصر على الشيطان بكل قوته ودائسا على كل اغراءاته...
لم يكن المسيح محتاجا أن يحارب الشيطان ويهزمه... فالشيطان بكل تأكيد مهزوم وساقط تحت قدمى المسيح... ولكنه حارب لنا وعنا... لكى يرينا الطريق.
لقد انتصر المسيح فى ثلاث تجارب:
1- الجسد: "أن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً" (مت 3:4).
ومن يصوم بالحق ينتصر على تجربة الجسد... سواء كانت الشراهة أم الجنس أم محبة الراحة والرفاهية... وميوعة الحياة.
فمن يمسك بمفتاح الصوم يستطيع أن يستأمن على كنوز الجسد ومواهبه وقواه.
2
- المجد الذاتى: "أن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل" (مت 6:4).
ومن يصلى بالحق ينجو من فخ المجد الباطل... لأن حياته وتدبيرها سيكونان بالله بواسطة الصلاة... وكل خدع وحيل إبليس ستنكشف له ويفضحها كما فعل السيد المسيح على الجبل وفى الصليب.
3
- القنية والمال: "أعطيك هذه جميعها أن خررت وسجدت لى" (مت 9:4).
ومن يتصدق بأمواله بفرح وسعادة... لا يصير مربوطاً بشهوة الغنى، ولا يستطيع إبليس أن يخترقه ويسيطر عليه... لأنه داس بعز على كل مغريات العالم.
هكذا تأخذنا الكنيسة كأم رؤوم تعلم أولادها وتكشف لهم عن سر أبيهم السماوى... وتتدرج بنا فى المعرفة شارحة أساسات الممارسة الروحية (الصوم والصلاة والصدقة)... ثم ترينا الكنز الحقيقى المخبوء فى السماء... وأخيراً تكشف عن عيوننا لنرى قائدنا وأبانا ظافراً بالشيطان لأنه تسلح بنفس السلاح الذى تطالبنا الكنيسة بأن نتمسك به لننتصر...
وفى الأحد الثالث من الصوم يسرد لنا السيد المسيح مثل الأبن العائد إلى أبيه.
لعل الأبن الأصغر هو الأمم الذين شردوا بعيداَ عن الله، والأبن الأكبر هو اليهود الذين عاشوا فى كنف الله ولكنهم لم يكونوا بحسب قصده وفكره.
الأصغر تاه بعيداَ والأكبر تاه داخل البيت.
الأصغر هو الشاب المشغول بتفاهات العالم وشهواته، حتى إنه رفض الأب السماوى وابتعد عنه.
والأكبر لا يفضله كثيراً... فهو الشاب المتدين بكبرياء وانحراف ،حتى إنه رفض فرحة الأب بعودة الخاطئ...
ذروة القصة تكمن فى هذه العبارة المقدسة: "أقوم وأذهب إلى أبى.. فقام وجاء إلى أبيه" (لو 18:15،19).
الصوم الكبير هو موسم هذه العودة المحببة...
عودة الأبن الذى أكل من شهوات الخنازير... ولم يعطيه أحد - أى لم يشبع... وعودة الابن الذى استكبر أو قل تحجر من كثرة الممارسة الروحية الباردة الآلية... دون روح ودون إحساس بالآب السماوى.
ماذا سينتظر العائد هناك :- الآب السماوى يتحنن... فليس الأب شرطيا ولا جلاداً بل أب...
- الآب السماوى يركض... فهو يتوقع أننى متهالك ومتعثر... وينتظر منى خطوة واحدة، ليركض هو ويكمل المشوار.
- الآب السماوى يقع على عنقه ويقبله... فالحضن الإلهى مفتوح لأعتى الخطاة.. ولأنجس الأشرار.. حتى يتطهر بقبلات فم المسيح.
- الحلة الأولى... يستعيد الإنسان بهاء معموديته والاستنارة..
- خاتم فى يده.. الروح القدس يتجدد فينا.. ويملأنا من مواهبه وثماره.
- العجل المسمن... ذبيحة الأفخارستيا العظيمة التى بها نتحد بالله وننال الغفران والثبات والحياة الأبدية.
- نأكل ونفرح ... طوبى لمن يأكل فى حضور المسيح وفى كنفه...
- الحياة... كان ميتا فعاش وكان ضالاً فوجد... حقاً بعيد عن الله لا توجد حياة بل وهم وموت ودمار... وفى المسيح وحده الحياة.
- كل مالى فهو لك... أخيراً يعطينا السيد الآب كل ماله... فنصير بالحق أغنياء به وبخيراته المقدسة...
ليتنا نعود إلى حضن الآب.. فى هذا الموسم العظيم الذى للعودة المقدسة.
"لأن شعبى عمل شرير. تركونى أنا ينبوع المياه الحية؛ لينقروا لأنفسهم آباراً. آباراً مشققة لا تضبط ماء" (أر 13:2).
الماء الذى كانت تشرب منه السامرية... كان ماء غير مروٍ... بل كانت تعطش أيضا إلى الشهوات والنجاسات "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا" (يو13:4).
وهى مسكينة لأنها عطشانة... لم تجد ما يرويها.. فلجأت، إلى آبار العالم المشققة، لعلها ترتوى... ولكن عطشها كان يزيد فى كل مرة... "وكان لكِ خمسة أزواج والذى لكِ الآن ليس هو زوجك" (يو18:4).
عندما رجعت إلى ينبوع ماء الحياة... هناك الارتواء بالحق "لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لكِ أعطينى لأشرب لطلبتِ أنتِ منه؛ فأعطاكِ ماءً حيا" (يو 10:4). "من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يو14:4).
مسكينة هى النفس التى لم تلتق بعد بينبوع ماء الحياة...
من يستطيع أن يطفئ لهيب ظمأ الناس...
من يستطيع أن ينجو من هلاك العطش إلى الشهوات...
الينبوع وحده قادر أن يروى ويشفى ويسعد الإنسان...
"يا سيد أعطنى هذا الماء لكى لا أعطش ولا آتى إلى هنا لأستقى" (يو 15:4) أعطنى من مياه ينبوعك النقى؛ لكى لا احتاج مرة أخرى إلى قاذورات العالم، ولكى لا آتى هنا مرة أخرى إلى حيث أماكن العثرة والخطية والضياع.
حقا إن "النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو" (أم 7:27).
فأعطنى يا سيدى القدوس أن أرجع إليك؛ لأشبع بك فأدوس على عسل العالم المر... وأنكر الفجور والشهوات، وأكون لك إلى المنتهى.
كان المفلوج ملقى على الأرض به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة، ينتظر تحريك الماء حتى يبرأ...
إنه عاجز عن الحركة... لا يستطيع العودة...
يا للعجب... أن الطبيب بنفسه جاء إليه ليشفيه... وقال له "أتريد أن تبرأ" (يو6:5).
ما هذه العذوبة.. يا للرقة...
هل تستأذن منه لكى تشفيه؟!!
يقول يسوعنا الحبيب... لقد انتظرته كثيراً (38 سنة) لكى يعود، لكنه تقاعس حتى ضمرت أطرافه، وضاعت منه أى فرصة للعودة... كان لابد أن آتى بنفسى لأفتقده... ولكن ليس دون رأيه.... لم يكن مرضه مرضا عاديا... بل كان ثمرة خطية "ها أنت قد برأت؛ فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر" (يو14:5).
سيدى المحبوب ها أنا مفلوج... ولى زمان طويل متكاسل فى فراش المرض والخطية... حتى ماتت فىّ كل رغبة فى التوبة.
وذبلت فىّ كل رغبة للصلاة والعودة إليك...
فهل لى فى هذا الموسم المبارك أن تفتقدنى بصلاحك وتبرئنى...
أننى عاجز عن العودة... فهل لى أن تأتى إلىّ؟
لقد فشلت معى بركة بيت حسدا بكل أروقتها الخمسة...
فهل تأتى إلىّ لتشفينى بالكلمة..؟
ليس لى ملجأ سواك.. وليس لى طبيب إلا إياك...
فدعنى أقبل نعمتك كما قبلها المفلوج فحمل سريره، ونهض ليخدمك ويبشر باسمك فى كل مكان...
كان المولود أعمى يعيش فى الظلام... ككل إنسان محروم من نور المسيح...
جاء إليه النور "مادمت فى العالم؛ فأنا نور العالم" (يو 5:9).
"مضى واغتسل وأتى بصيراً" (يو 7:9)... ورأى النور.
لم يكن النور الذى رآه هو الشمس بل نور المسيح..
كان شاول الطرسوسى يظن انه يرى بنور الناموس، ولم يكن يدرى أن هناك قشور على عينيه... كان يحتاج أن يعتمد من حنانيا؛ لتتساقط القشور ويستعيد رؤية نور المسيح...
سيعيش العالم فى ظلام الخطية والجهل والشهوة والدمار؛ حتى يعود إلى المسيح النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان...
إن الصوم الكبير هو موسم استعادة الاستنارة التى أخذناها فى المعمودية... إنه موسم ملء المصباح بزيت الصوم والقداس... حتى نكون فى زمرة العذارى الحكيمات أصحاب المصابيح الموقدة، والآنية المليئة بالزيت، والمستعدات للقاء العريس السماوى...
فعريسنا سيفرح باستنارتنا... وسيضفى حينئذ علينا من بهاء مجده "استنارت الأرض من بهائه" (رؤ 1:18).
طوبى للنفس التى تعود إليه تتأمل فى وجهه "نظروا إليه واستناروا، ووجوههم لم تخجل" (مز5:34).
مأساة الإنسان انه قد تلهى عن الله...
ليتنا فى الصوم نعود إليه فى هدوء، ونجلس تحت قدميه بسكون.
"بالرجوع والسكون تخلصون. بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم"
(إش 15:30).
اذكرونا واذكرو الخدمة فى صلواتكم
امـــــــــــــــ+ــــــــــــــــين