العقيدة الأرثوذكسية فى صلوات الأجبية

صلاة الأجبية هى مدرسة للحياة الروحية الأرثوذكسية , والفكر العقيدى
الأرثوذكسى . ولقد رتب الآباء صلوات الأجبية , منذ القرون الأولى للمسيحية
بدليل ما ورد فى كتاب العهد الجديد :

"وصعد بطرس ويوحنا معاً إلى الهيكل فى ساعة الصلاة التاسعة "
( أع 1:3 )
" ومتى إجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور له تعليم له لسان له إعلان له ترجمة . فليكن كل شئ للبنيان "
(1كو26:14)
ولم
تكن الأناجيل قد كتبت بعد فى بداية عهد الآباء الرسل . فلذلك كان مع توزيع
المزامير على المؤمنين وقت الصلاة , كل من له موهبة التعليم أو من لديه أى
إعلان أو تكلم بألسنة أو ترجمة الألسنة كان يقوله فى وسط الجماعة الكنسية
. ولكن بنظام وترتيب وذلك للبنيان . ثم بعد ذلك كتبت الأناجيل والرسائل ,
فمع المزامير فى صلوات السواعى تم ترتيب الأناجيل التى تتلى بعد المزامير
ثم قطع الصلوات التى تتبع المزامير .
وصلاة الأجبية هى مجموعة من المزامير ( 12 مزمور لكل صلاة وصلاة باكر 18 مزمور , وصلاة نصف الليل لها نظام خاص , وصلاة الستار خاصة بالآباء الرهبان ) يتبعها الإنجيل المناسب للساعة ثم القطعة .
وصلاة الأجبية هى تراث قد إستلمناه مع الإيمان المسلم من القديسين , ولذلك
فإن الكنيسة منذ العصور الأولى للمسيحية إبتدأت ترتيب صلوات السواعى
الخاصة بها , ويوجد تشابه واضح مع صلوات الساعات التى تستخدم فى الكنائس
اليونانية , ( الروم الأرثوذكس ) وهذا دليل على قدم إستخدام صلوات الأجبية
.
وهناك بُعد روحى وآخر عقائدى ولاهوتى فى صلاة الأجبية وهذا هو موضوعنا :
ونريد أن نلفت الأنظار أن العقيدة الأرثوذكسية موجودة فى صلاة الأجبية كما هى موجودة فى ألحان الكنيسة والتسبحة .
خلال صلاة الأجبية , نحن نتلو قانون الإيمان ( نعظمك وبالحقيقة )
هنا نحن نعلن أن العذراء هى ثيؤطوكوس أى والدة الإله . ولذلك نقول فى
مقدمة قانون الإيمان : نعظمك يا أم النور الحقيقى ونمجدك أيتها العذراء
القديسة والدة الإله .
وفى قانون الإيمان نحن نعلن إيماننا بالثالوث القدوس , وبالكنيسة الواحدة
, والمعمودية المقدسة , وقيامة الأموات , وحياة الدهر الآتى .
تذكار الدينونة هو دعوة للتوبة المستمرة ومحاسبة النفس والأستعداد للمجئ الثانى :
+ إذا ما تفطنت فى كثرة أعمالى الرديئة ويأتى على قلبى فكر تلك الدينونة
الرهيبة , تأخذنى رعدة فأهرب إليك .... ( لم يقل أهرب منك بل أهرب إليك )
( القطعة الثانية من الخدمة الثانية من صلاة نصف الليل )
+ هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل ..... لكن توبى يا نفسى ما دمت فى الأرض ساكنه .... ( القطعة الأولى من صلاة النوم )
+ إذا كان الصديق بالجهد يخلص فأين أظهر أنا الخاطى .... ( القطعة الأولى من صلاة الغروب )
+ فأنظرى يا نفسى لئلا تثقلى نوماً فلتقى خارج الملكوت بل أسهرى وأصرخى .... ( القطعة الأولى من الخدمة الأولى من صلاة نصف الليل )
+ تفهمى يا نفسى ذلك اليوم الرهيب وأستيقظى وأضيئى مصباحك بزيت البهجة .... ( القطعة الثانية من الخدمة الأولى من صلاة نصف الليل )
خلال صلوات الأجبية نحن نطلب مراحم الله :
مزمور " إرحمنى يا الله " يقال فى مقدمة كل صلاة . وفى كل صلاة نصلى
كيرياليسون " يا رب إرحم " 41 مرة . فالإنسان الأرثوذكسى هو طالب رحمة
الله . وهذا تطبيق لما فعله العشار حين قال " اللهم إرحمنى أنا الخاطئ "
فنزل إلى بيته مبرراً ( لو 13:18-14 ) وطلب رحمة الله يقودنا دائماً إلى
الإتضاع . لكن المنهج البروتستانتى يقود إلى الكبرياء حيث يقولون نحن أعظم
من منتصرين .... إلخ . ( صلاة كيرياليسون أكثر الصلوات تكراراً فى جميع
صلوات الكنيسة )
وما دمنا نطلب مراحم الله كل حين , فنحن نصرخ دائماً لطلب الخلاص وخاصة
فى المزمور 118 الذى نصليه فى صلاة نصف الليل , ( لتأت علىّ رحمتك يا رب
وخلاصك كقولك ـ تاقت نفسى إلى خلاصك ـ لك أنا فخلصنى يا رب ـ عيناى قد
ذبلتا من إنتظار خلاصك يا رب ) . وخلاص نترجاه :

ـ الخلاص الذى نلناه ــــ المقصود به الخلاص من الخطية الجدية والخلاص من الخطايا السابقة للمعمودية , وصلب
الإنسان العتيق .
ـ الخلاص الذى نحياه ــــ هو التمتع بالخلاص من خلال وسائط النعمة وأسرار الكنيسة مثل الإعتراف والتناول .
ـ الخلاص الذى نترجاه ـــ هو أمرين أولهما أن نتمم خلاصنا , وثانيهما أن ننال نصيب فى القيامة العامة لنرث
ملكوت السموات . وهذا الخلاص الذى نترجاه يتضمن الخلاص من جسد الفساد والحصول على جسد القيامة .
والأرثوذكسية هى أن الإنسان يطلب الخلاص طوال حياته وهذا تطبيق للنص الكتابى :

" تمموا خلاصكم بخوف ورعدة " ( فى 12:2 )
• فى القطعة الثالثة من كل صلاة نحن نتشفع بالعذراء القديسة مريم ـ فهذه صلوات توسلية للعذراء القديسة مريم لطلب
معونتها فى حياتنا وجهادنا وتوبتنا . أما الشفاعة الكفارية فهى بدم المسيح فقط .
• صلاة نصف الليل ـ هى تذكار للمجئ الثانى للسيد المسيح, والإستعداد لهذا المجئ والسهر هنا له معنيان أولهما هو اليقظة
المستمرة ومحاسبة النفس بإستمرار , والمعنى الثانى هو عدم النور والسهر للصلاة . وصلاة نصف الليل هى دعوة وتحذير
من النعاس والتهاون فى الحياة الروحية , وهى تحمل معونة ونعمة خاصة لمن يصليها .
• طلب معونة الروح القدس مهم جداً فى حياتنا ـ ففى صلاة نصف الليل بعد أن نصلى ونطلب الخلاص من المسيح
ونطلب من أنفسنا اليقظة والسهر . فإننا نلتجئ إلى الروح القدس لكى يقودنا ويطهرنا ويعدنا للعريس السمائى الرب
يسوع المسيح ( وفى الخدمات الثلاث من صلاة نصف الليل نحن نصلى الثلاث قطع الأخيرة من صلاة الساعة الثالثة الخاصة بالإمتلاء من
الروح القدس ... أيها الملك السمائى المعزى ... )

أخـيراً فإن صلاة الأجبية تجعلنا نعيش العقيدة الأرثوذكسية , ولا ننسى أن القديسين العظام صلوا بالأجبية .
ولذلك علينا أن نواظب على صلوات الأجبية وأن ننتبه إلى ذخائر العقيدة
الأرثوذكسية الموجودة فى الأجبية سواء المزامير أو القطع . وعندئذ نستطيع
أن نتمم الوصية الإلهية " ينبغى أن نصلى كل حين ولا يمل " ( لو 1:18 )

ولنتذكر كل حين نصيحة قداسة البابا شنودة الثالث لأبنائه الروحيين
( إحفظوا المزامير تحفظكم المزامير )ر
اذكرونا واذكروا الخدمة فى صلواتكم
امـــــــــــــــــــــ+ــــــــــــــــــــــــين